صفحة الآتية

الفصل الاول          

الصفحة الماضية

 

الاربعة عشر معصوم (عليهم السلام)

اربعة عشر بحرا من نور

 

 

1ـ شجرة الجنة  

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 

من قال (سبحان الله) غرس الله له بها شجرة في الجنة.

ومن قال (الحمد لله) غرس الله له بها شجرة في الجنة.

ومن قال (لااله الاّالله) غرس الله له بها شجرة في الجنة.

ومن قال ( الله اكبر) غرس الله له بها شجرة في الجنة.

فقام له رجل من قريش وقال :

يارسول الله ان شجرنا في الجنة لكثير.

فقال رسول الله: (ص)

نعم لكن اياكم ان ترسلوا عليها نيراناً فتحرقوها وذلك أن الله عزّوجل يقول:

 ]ياآيها الذين آمنوا اطيعوا الله ورسوله ولاتبطلوا اعمالكم (1).

 

2ـ افضل الامنيات  

قال ربيعة بن كعب: قال لي ذات يوم رسول الله (ص):

خدمتني سبع سنين أفلا تسألني حاجة؟

فقلت: يارسول الله! امهلني حتى افكر.

قال ربيعة: فلّما اصبحت في اليوم التالي ودخلت عليه قال لي: ياربيعة هات حاجتك.

فقلت: تسأل الله أن يدخلني معك الجنة.

فقال لي: من, علمك هذا؟

فقلت: يارسول الله! ماعلّمني أحد لكني فكرت في نفسي وقلت أن سألته مالاً كان الى نفاد وأن سألته عمراً طويلاً واولاداً كان عاقبتهم الموت.

قال ربيعة: فنكس (ص) رأسهُ ساعة ثم قال:

افعلُ ذلك لكن اعني بكثرة السجود(2).

  

3ـ مزاح النبي (ص)  

جاءت امرأة عجوز الى رسول الله (ص) تحب أن تكون من أهل الجنّة.

فقال لها رسول الله (ص): العجوز لاتدخل الجنة.

فخرجت من عند رسول الله (ص) باكية, فرآها بلال الحبشي باكية سألها:

ما يبكيك؟

قالت: ابكي لان رسول الله (ص) قال لي: العجوز لاتدخل الجنة.

فجاء بلال الى رسول الله (ص) واخبره عن حال المرأة العجوز.

فقال رسول الله (ص): الاسود ايضاً لايدخل الجنة.

فحزن بلال وجلس مع المرأة العجوز واخذ يبكي معها.

فرآهما العباس عمّ النبي (ص) على هذا الحال فسألهما:

مايبكيكما؟

فقالا له ما قاله لهما النبي (ص).

فذهب العباس الى رسول الله (ص) واخبره عن حالهما.

فقال رسول الله (ص) لعمهِ العباس الذي كان شيخاً!

الشيخ أيضاً لايدخل الجنة.

فحزن العباس أيضاً.

بعد ذلك طلبهم رسول الله (ص) ليسرّهم فقال لهم:

ان الله تبارك وتعالى يدخل الانسان الى الجنة بهيئة شاب نوراني متوج على رأسه لابهيئة الشيخ والاسود(3).

  

4ـ خيانة البصر  

قال شخص لرسول الله (ص):

فلان يخون جاره بالنظر الى عرضه ولو تمكن لفعل أكثر فتضجر رسول الله (ص)  من ذلك وقال: عليَّ به.

قال شخص آخر كان حاضراً:

يارسول الله! هذا من اصحابك واتباعك وممن يعتقد بولايتك وولاية علي.

فقال رسول الله (ص):

لاتقل أنه من اتباعك فان اتباعنا يتبعونا باعمالهم, وماقلته عن الرجل ليس من اعمالنا ولا أفعالنا(4).

  

5ـ وصايا خمس عن رسول الله(ص)  

عن اميرالمؤمنين (ع) قال : جاء ابوايوب خالد بن زيد الى رسول الله (ص) فقال:

يارسول الله (ص) أوصني وأقلل لعلّي أن احفظ.

قال رسول الله (ص): اوصيك بخمس:

1- اليأس عما في أيدي الناس فأنه الغنى.

2- اياك والطمع فأنه الفقر الحاضر.

3- صل صلاة مودّع.

4- اياك وماتعتذر منه.

5- حب لاخيك ما تحب لنفسك(5).

 

6ـ افضل العلم  

دخل رسول الله (ص) يوماً الى المسجد فرأى مجلسين عقدا في أحدهما مجلس علم والآخر مجلس دعاء ومناجاة فقال رسول الله (ص):

كلا المجلسين الى خير اما هؤلاء فيدعون الله, واما هؤلاء فيتعلمون ويفقهون الجاهل, هؤلاء أفضل.

ثم قال رسول الله(ص):

(بالتعليم ارسلت ثم قعد معهم(6)).

 

7ـ اربعة خصال يحبها الله  

اوحى الله تعالى الى رسوله (ص) بانني مثيب جعفر بن ابي طالب(7) لاربع خصال.

فدعى رسول الله (ص) جعفر وأخبره بالامر.

فقال جعفر:

يارسول الله لو لم يوح اليك لما اظهرته.

يارسول الله! اني لم اشرب الخمرقط لانه يذهب بالعقل.

ولم أكذب قط, لانه خلاف المروّة.

ولم أزن قط, لاني أخاف أن يظهر في عرضي.

ولم أعبد صنماً قط, لان عبادة الاصنام لافائدة فيها.

فضرب رسول الله (ص) بيده على كتف جعفر وقال:

حق على الله أن يهبك جناحين تطير بهما في الجنة(8).

  

8 ـ محك الاختبار  

جاء ثعلبة الانصاري الى رسول الله(ص) وقال:

يارسول الله! ادعو الله أن يرزقني مالاً.

فقال له رسول الله (ص):

يا ثعلبة كن قانعاً! مال قليل تشكر الله عليه خير من مال كثير لاتستطيع أن تؤدي شكره.

فانصرف ثعلبة, حتى مضت عدة أيام ثم رجع مرة ثانية واعاد طلبه.

وفي هذه المرّة قال لـه رسول الله (ص):

يا ثعلبة الست أسوة لك؟ ألاتريد أن تكون مثل رسول الله؟ فوالله لو أردت أن تصبح الجبال ذهباً وفضة وتسير معي لفعلت, ولكني راضياً بما قدره الله لي.

فانصرف ثعلبة, وبعد أيام رجع مرة ثالثة وقال:

يارسول الله! ادعو الله ان يرزقني مالاً اؤدي منه حق الله وحق الفقراء وأصل به رحمي.

فلما رأى رسول الله (ص)الاصرار من ثعلبة قال:

اللهم! ارزق ثعلبة مالاً!

و بعد دعاء النبي (ص) لثعلبة اشترى ثعلبة شاة فتكاثرت حتى صارعنده قطيع كبير من الاغنام وضاقت به المدينة لكثرة اغنامه فاضطر أن يغادر المدينة ليسكن في اطرافها.

كان ثعلبة يحضر صلاة الجماعة خلف رسول الله (ص) باستمرار لكن ازدادت اغنامه بعد ذلك لحد لم يستطع معه الحضور لصلاة الجماعة فاقتصر على صلاة الجمعة فقط .

وهكذا أخذت اغنامه تزداد بكثرة حتى أنه لم يستطع البقاء في اطراف المدينة فاضطر ان يغادر الى البراري بعيداً عن المدينة فانقطعت علاقته بالمدينة تماماً واصبح لا يحضر حتى لصلاة الجمعة.

بعث رسول الله (ص) شخصاً لياتي بالزكاة من اموال ثعلبة. وصل الجابي الى ثعلبة واخبره بالغرض الذي جاء من اجله وطالبه بالزكاة فامتنع ثعلبة عن دفعها وقال:

هذه هي الجزية أو شبهها لها التي تؤخذ من اليهود والنصارى فهل نحن كفار؟

رجع الجابي واخبر رسول الله (ص) عما قاله ثعلبة.

فقال رسول الله (ص) :

الويل لثعلبة! الويل لثعلبة!

فنزل قوله تعالى ]ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لنصّدقن ولنكونن من الصالحين فلما أتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فاعقبهم نفاقاً في قلوبهم الى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون(9)[.

فلم يتمكن ثعلبة ان ينجح في هذا الاختبار الالهي وباع آخرته بديناه(10).

 

9 ـ طاعة الزوج  

عن ابي عبد الله (ع) أن رجلاً من الانصار على عهد رسول الله (ص) خرج في بعض حوائجه فعهد الى امرأته عهداً أن لاتخرج من بيتها حتى يقدم.

قال: وان اباها مرض فبعثت المرأة الى النبي (ص) فقالت:

أن زوجي خرج وعهد الي أن لااخرج من بيتي حتى يقدم وأن ابي مريض فتامرني أن اعوده؟.

فقال رسول الله (ص): اجلسي في بيتك واطيعي زوجك.

 قال: فازداد مرض أبيها فارسلت اليه ثانية في ذلك فقالت: اتامرني ان اعوده؟

فقال: اجلسي في بيتك واطيعي زوجك.

قال: فمات ابوها فبعثت اليه:

أن ابي قد مات اتامرني أن اصلّي عليه؟

فقال: لا اجلسي في بيتك واطيعي زوجك.

قال: فدُفن الرجل فبعث اليها رسول الله (ص):

أن الله قد غفر لك ولابيك بطاعتك لزوجك(11)

 

10 ـ النظر في عواقب الامور  

جاء رجل الى رسول الله (ص) وقال:

انصحني يارسول الله!

فقال له رسول الله (ص):

أوتعمل بنصيحتي؟

اجاب الرجل:

نعم يارسول الله.

فاكد رسول الله (ص) عليه ثانية فاجابه الرجل: نعم!

وبعد أن اخذ رسول الله (ص) المواثيق منه بأن يعمل بنصيحته قال لـه:

اذا عزمت على امر فانظر في عواقبه فان كانت خيراً ونجاة فافعلهُ والاّ فاتركه(12).

  

11ـ لا ضرر ولا ضرار  

كان لسمرة بن جندب نخلة في دار احد الانصار فكان يذهب اليها ويدخل الدار بدون اذن, فقال الانصاري لسمرة:

لاتزال تفاجئنا على حال لا نحب ان تفاجئنا عليه فاذا دخلت فاستأذن.

قال سمرة:

لاأستأذن في طريقي وهو طريقي الى عثقي.

فشكاه الانصاري الى رسول الله (ص) فارسل اليه فأتاه فقال رسول الله (ص) له:

ان فلاناً قد شكاك وزعم أنك تمرُّ عليه وعلى أهله بغير اذنه فاستأذن عليه اذا اردت ان تدخل.

فقال: يارسول الله (ص) أستأذن في طريقي الى عثقي؟

فقال لـه رسول الله (ص):

خلّ عنها ولك مكانها عثقي في كذا مكان.

فقال: لا.

قال: لك اثنان.

قال: لا اريد.

فلم يزل رسول الله (ص) يزيده حتى بلغ عشرة اعثاق قال لا.

قال: فلك عشرة في مكان كذا وكذا.

قال: لا.

قال رسول الله (ص): خلّ عنها ولك مكانه عثقي في الجنة.

قال: لا اريد.

قال له رسول الله (ص): انك رجل مضار و( لاضر ولاضرار) على مؤمن.

ثم أمر رسول الله (ص) بها فقلعت ثم رمي بها اليه وقال له رسول الله(ص):

انطلق واغرسها حيث شئت(13).

  

12 ـ في فراش المرض 

مرض احد المسلمين فذهب رسول الله (ص) ومعه جمع من اصحابه لعيادته حتى اتاه وهو مغمى عليه.

قال رسول الله (ص):

ياملك الموت كف عن الرجل حتى اسأله.

فافاق الرجل فسأله رسول الله (ص): مارأيت؟

قال الرجل: رأيت بياضاً كثيراً وسواداً كثيراً.

قال : فأيها كان اقرب اليك؟

قال: السواد.

قال رسول الله (ص).

 قل: «اللهم اغفر لي الكثير من معاصيك واقبل مني اليسير من طاعتك».

قال: ثم اغمي عليه.

قال رسول الله (ص) لملك الموت مرة ثانية:

ياملك الموت خفف عنه ساعة حتى اسأله.

فافاق الرجل قال رسول الله (ص): مارأيت؟

قال الرجل: رأيت بياضاً كثيراً وسواداً كثيراً.

فقال: فأيها كان اقرب اليك؟

قال: البياض.

قال رسول الله (ص)  لاصحابه: قد غفر الله لصاحبكم.

وقال الامام الصادق (ع)  بعد نقل هذه القصة:

اذا حضرتم ميتاً فقولوا له هذا الدعاء ليقوله(14).

 

13 ـ التصدي للخرافات 

عندما توفي ابراهيم ابن رسول  الله (ص)  انكسفت الشمس في ذلك اليوم فقال الناس:

انما انكسفت الشمس لموت ابن رسول الله (ص).

 فصعد رسول الله (ص) المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال:

ايها الناس ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فاذا انكسفا أو أحدهما صلّوا.

ثم نزل من المنبر وصلّى بالناس الكسوف(15).

  

14ـ اتقان الامو 

لما توفي ابراهيم ابن رسول الله (ص)  اغرورقت عيناه بالدموع ثم قال:

تدمع العين ويحزن القلب ولانقول مايسخط الرب، وانا بك يا ابراهيم لمحزونون.

ثم رأى في قبره خللاً فسوّاه بيده ثم قال:

اذا عمل احدكم عملاً فليتقن(16).

  

15ـ أحب الاسماء  

قال جابر الانصاري: قلت لرسول الله (ص):

ما تقول في علي بن ابي طالب؟

قال: هو نفسي.

قلت: ماذا تقول في الحسن والحسين؟

قال: هما ريحانتاي, وأمهما فاطمة بضعتي, من آذاهما فقد آذاني ومن سرّهما فقد سرّني, وأشهد الله اني سلم لمن سالمهم وحرب لمن حاربهم.

ياجابر! اذا أردت ان تدعو الله ويستجيب لك فادعوه باسمائهم فانها أحب الاسماء اليه(17).

  

16ـ حد الجار  

جاء رجل من الانصارالى رسول الله (ص)  وقال:

اشتريت داراً في كذا محلّة وأقرب جار لي لا ارجو فضله ولا آمن شرّه.

فأمر رسول الله (ص)  علياً (ع) وسلمان واباذر (يقول الراوي لربما كان المقداد رابعهم) أن ينادوا في المسجد باعلى اصواتهم:

مَنْ لم يأمن جاره شره لا ايمان له.

ففعلوا ذلك ثلاث مرات, ثم اشار رسول الله (ص)  بيده وقال:

الى اربعين داراً من اليمين ومن اليسار ومن الامام ومن الخلف كلهم جار(18).

 

17ـ لاتغضب  

جاء رجل الى رسول الله (ص)  وقال: يارسول الله! علّمني شيئاً اسعد به.

فقال رسول الله (ص): لاتغضب.

قال الرجل: هذه النصيحة كافية.

وبعد أن رجع الى قبيلته رأى أن الحرب قد نشبت بين قبيلته وقبيلة أخرى وقد وقفت الصفوف متقابلة متهيئين لحرب دامية, فاسرع الرجل وتقلد سيفه والتحق بصفوف قبيلته. فتذكر ما قاله له رسول الله (ص) أن لايغضب فرمى سلاحه وخاطب القوم:

ايها الناس انا مسؤول عن كل مالحق بكم من ضرر او جرح او قتل لم يُعلم فاعله واذا كان قد علم فاعله فمن ماله.

فسمع كبار القوم هذا الاقتراح العقلائي, فسكن غضبهم وقالوا بمنطق عقلائي:

لا حاجة لنا بذلك ونحن اولى بالعفو ودفع الاضرار والخسائر.

وهكذا تصالحت القبيلتان وخمدت نار الحرب الدامية بينهما وتحولت العداوة والبغضاء الى محبة وتآلف(19).

  

18ـ ألم فراق رسول الله(ص)  

جاء رجل من الانصار الى رسول الله (ص)  وقال:

يارسول الله! ما استطيع فراقك واني لادخل منزلي فاذكرك فأتركه وأقبل حتى انظر اليك حُبّاً لك فذكرت اذا كان يوم القيامة وأدخلت الجنة فرفعت في اعلى علّيين فكيف لي بك يانبي الله؟

فنزل قوله تعالى: ]و من يطع الله والرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهدآء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً(20)[.

فطلبه رسول الله (ص)  وابلغه عن نزول الوحي وبشره بالآية(21). 

 

19ـ أميرالمؤمنين(ع) قمة الايثار والنُبل  

اشتد الامر بامير المؤمنين(ع) بعد ما ضربه ابن ملجم فاغمي عليه من شدّة الضربة. فلما أفاق جاءه الامام الحسن (ع)باناءٍٍ فيه لبن شرب اميرالمؤمنين منه ثم دفعه الى الحسن(ع) وقال له:

اعطوا هذا الحليب لأسيركم (ابن ملجم)!

ثم قال:

بحقي عليك يابني! الاّ ماطيبتم مطعمه ومشربه وارفقوا به الى حيث موتي وتطعمه مما تأكل وتسقيه مما تشرب حتى تكون اكرم منه.

فحملوا اليه اللبن فأخذه اللعّين وشرب منه(23)

  

20ـ رعاية الآداب الاسلامية في أوج القدرة  

صاحب اميرالمؤمنين (ع) ايام خلافته في طريقه رجلاً ذمّياً (يهودي او مسيحي).

قال الذمي لاميرالمؤمنين (ع):

 ياعبدالله! الى أين تذهب؟

اجابه اميرالمؤمنين (ع):

 الى الكوفة.

فترافقا معاً حتى وصلا الى مفترق الطريق فَعَدَلَ الذمي وسلك طريقه الخاص فسلك الامام علي (ع)طريق الذمي فلما رأى الذمي أن الامام (ع) لم يسلك طريق الكوفة قال:

الم تقل انك تذهب الى الكوفة؟

اجابه اميرالمؤمنين(ع):

 نعم

فقال الذمي:

فلم عدلت معي وقد علمت ذلك.

قال اميرالمؤمنين(ع):

هذا من تمام حسن الصحبة ان يشيع الرجل صاحبه هنيهه اذا فارقه كذلك أمرنا نبينا.

قال الذمي:

هل وصاكم نبيكم بذلك؟

قال الامام(ع):

 نعم.

قال الذمي:

لاجرم انما تبعه من تبعه لافعاله الكريمة وانا اشهدك اني على دينك.

فرجع الذمي الى الكوفة مع اميرالمؤمنين(ع) وبعد ما عرف أنه كان مع خليفة المسلمين أسلم(24).

 

21ـ والله! ان هذه احب الي من أمرتكم

 

تحرك جيش اميرالمؤمنين (ع) لقتال الناكثين باتجاه البصرة فنزلوا (ذي قار) للاستراحه واعداد المقاتلين.

يقول عبدالله بن عباس:

دخلت على اميرالمؤمنين (ع) فرأيته يخصف نعله, فالتفت إلي وقال:

يابن عباس! ماقيمة هذه النعل؟

قلت: لاقيمة لها!

قال: والله ! ان هذه أحب إليّ من امرتكم الاّ أن اقيم حقاً او أدفع باطلاً(25).

 

22ـ سلوني قبل ان تفقدوني  

خطب اميرالمؤمنين (ع) في الناس وقال: سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لاتسألوني عن فئه تظل مئة وتهدي مئة الاّ أنبأتكم بناعقها وسائقها الى يوم القيامة.

فقام اليه سعد بن ابي وقاص فقال: أخبرني كم في رأسي ولحيتي من طاقة شعر؟

فقال اميرالمؤمنين (ع): والله لقد حدثني خليلي رسول الله (ص) بما سألت عنه وأن على كل طاقة شعر في رأسك ملكاً يلعنك وعلى كل طاقة شعر في لحيتك شيطاناً يستفزك وان في بيتك سخلاً يقتل ابن رسول الله(ص) آية ذلك مصداق ماخبرتك به ولولا أن الذي سألت يعسر برهانه لاخبرتك به, ولكن آية ذلك ما أنباتك من لعنتك وسخلك(26) الملعون.

وكان ابنه في ذلك الوقت صبياً صغيراً يحبو فلما كان من امر الحسين (ع) ما كان تولّى قتله وكان الامر كما قال اميرالمؤمنين (27).

 

23ـ التوازن في الحياة  

دخل اميرالمؤمنين (ع)على العلآء بن زياد الحارثي وهو من اصحابه يعوده فلما رأى الامام (ع) سعة دارالعلاء قال:

ماكنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا. أما انت اليها في الآخرة كنت أحوج, وبلى أن شئت بلغت بها الآخرة تقرى فيها الضيف وتصل فيها الرحم وتطلع منها الحقوق مطالعها فاذا أنت قد بلغت بها الآخرة.

فقال لـه العلآء:

ياامير المؤمنين! اشكو اليك أخي عاصم بن زياد

قال عليه السلام: و ماله؟

قال:  لبس العباءه وتخلّى عن الدنيا

قال عليه السلام: عليّ به.

فلما جاءه قال عليه السلام:

 ياعَدِّيَ نفسه لقد استهام بك الخبيث, اما رحمت أهلك وولدك, أترى الله أحلّ لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها؟ أنت اهون على الله من ذلك.

قال: يااميرالمؤمنين! هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك.

قال عليه السلام:

ويحك اني لست كأنت, ان الله فرض على أئمة الحق أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره(28)

  

24ـ جمجمة انوشيروان تتكلم  

اخبروا اميرالمؤمنين (ع) بان معاوية يريد الهجوم على البلاد الاسلامية, فخرج اميرالمؤمنين (ع) مع جيش جرار من الكوفة واتجه نحو صفين فنزلوا المدائن (عاصمة الملوك الساسانين) ودخلوا قصر كسرى وبعد اداء الصلاة أخذوا يتفحصون داخل القصر وكان اميرالمؤمنين (ع) يتحدث لاصحابه عما كان يفعل هؤلاء في القصر حتى قال أحدهم:

ياأميرالمؤمنين! تصف لنا القصر كأنك كنت معهم.

واثناء تفحصهم في القصر رأى اميرالمؤمنين(ع) جمجمة نخرة فقال لاحد اصحابه خذ هذه الجمجمة ثم جاء اميرالمؤمنين (ع) الى الايوان وجلس فيه ودعى بطشت فيه ماء فقال للرجل:

دع هذه الجمجمة في الطشت.

بعد ذلك خاطب اميرالمؤمنين (ع) الجمجمة:

اقسمت عليك يا جمجمة لتخبريني من أنا ومن أنت؟.

قالت الجمجمة:

اما أنت فاميرالمؤمنين وسيّدالوصيين وامام المتقين وأما أنا فعبد الله وابن امة الله كسرى انوشيروان.

فسأله علي (ع): كيف حالك؟

قال: يااميرالمؤمنين! كنت ملكاً عادلاً, شفيقاً بالرعية رحيماً ولا ارضى بالظلم ولكني كنت على دين المجوس وعندما ولد نبي الاسلام (ص) في زمان ملكي سقط من شرفات قصري ثلاث وعشرون شرفة ليلة وُلد فهممت أن أؤمن به من كثرة ماسمعت من الزيادة في شرفه وفضله ومرتبته وعزهّ في السموات والارض ومن شرف اهل بيته ولكني تغافلت عن ذلك وتشاغلت عنه بالملك فيالها من نعمة ومنزلة ذهبت مني حيث لم أؤمن فانا محروم من الجنة بعدم ايماني به ولكني مع هذا الكفر خلصني الله تعالى من عذاب النار ببركة عدلي وانصافي بين الرعية وانا في النار والنار محرّمة علّي فواحسرتاه لو آمنت لكنت معك ياسيّد اهل بيت محمد(ص)(29).

  

25ـ التوبة  

يقول كميل بن زياد أحد اصحاب اميرالمؤمنين (ع): سألت اميرالمؤمنين (ع):

يااميرالمؤمنين العبد يصيب الذنب فيستغفر الله منه فما حدّ الاستغفار؟

قال: يابن زياد! التوبة.

قلت: بَسْ(30)

قال: لا.

قلت: فكيف؟

قال: ان العبد اذا اصاب ذنباً يقول: استغفر الله بالتحريك.

قلت: وماالتحريك؟

قال: الشفتان واللسان يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة.

قلت: وماالحقيقة؟

قال: تصديق في القلب واضمار أن لايعود الى الذنب الذي استغفر منه.

قال كميل: فاذا فعل ذلك فانه من المستغفرين؟

قال: لا.

قال كميل: فكيف ذاك؟

قال: لانك لم تبلغ الى الاصل بعد.

قال كميل: فاصل الاستغفار ماهو؟

قال: الرجوع الى التوبة من الذنب الذي استغفر منه, وهي اول درجة العابدين, وترك الذنب والاستغفاراسم وقع لمعان ست  الاول الندم على مامضى والثاني العزم على ترك العود أبداً والثالث أن تؤدي حقوق المخلوقين التي بينك وبينهم والرابع ان تؤدي حق الله في كل فرض, والخامس ان تذيب اللحم الذي نبت على السحت والحرام حتى يرجع الجلد الى عظمه ثم تنشأ فيما بينهما لحماً جديداً, والسادس ان تذيق البدن الم الطاعات كما اذقتة لذات المعاصي(31).

  

26ـ نور فاطمة (عليها السلام) في المحراب 

قال رسول الله (ص):

واما ابنتي فاطمة فانها سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين, فاطمة بضعة مني. فاطمة نورعيني. فاطمة ثمرة فؤادي. فاطمة روحي التي بين جنبي. فاطمة حوراء انسية متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لاهل الارض ويقول الله عزوجل لملائكته: يا ملائكتي! انظروا الى امتي فاطمة سيدة امائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها لعبادتي اشهدكم اني قدامنت شيعتها من النار(32)

 

27ـ افضل خصال النساء  

قال اميرالمؤمنين(ع):

كنّا عند رسول الله (ص) اذ قال:اخبروني أي شيء خير للنساء؟

فعجزنا عن الجواب.

بعد ذلك انصرفنا من عند رسول الله (ص) ورجعت الى البيت وابلغت فاطمة بما قاله رسول الله (ص).

قالت: ان لايرين الرجال ولا يراهن الرجال.

بعدها رجعت الى رسول الله (ص) فاخبرته بما اجابت فاطمة (ع) فسُرّ رسول الله (ص) لجوابها وقال:

(ان فاطمة بضعة مني)(33).

 

28ـ فاطمه(ع) تقرأ لوح رسول الله(ص)  

جاءت فاطمة سيدة نساء العالمين يوماً الى رسول الله (ص) تشكو بعض امرها فقدم لها رسول الله (ص) كربة (لوحاً) وقال:

يابنية تعلّمي ما فيها.

فنظرت فيها فاطمة(ع) واذا مكتوب بها:

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلايؤذي جاره.

ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه.

ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو يسكت(34).

  

29ـ اذان بلال  

بعدما توفي رسول الله (ص) امتنع بلال من الاذان وقال:

لا أوذن لاحد بعد رسول الله (ص).

قالت فاطمة يوماً:

اشتهي أن اسمع صوت مؤذن ابي بالاذان.

فلما بلغ بلال ذلك منها اخذ بالاذان فعندما قال:

الله اكبر, الله اكبر.

تذكرت فاطمة أيام ابيها رسول الله (ص) ولم تتمالك نفسها فانفجرت بالبكاء ولما بلغ قوله:

اشهد ان محمداً رسول الله (ص).

شهقت فاطمة(ع) وسقطت على  وجهها واغمي عليها حتى ظن البعض انها فارقت الحياة.

فقالوا لبلال:

يا بلال! لاتؤذن! فان أبنة رسول الله (ص) فارقت الحياة.

فقطع بلال اذانه . فعندما افاقت فاطمة (ع) قالت:

يا بلال اكمل الاذان!

فاجاب بلال:

ياسيدة نساء العالمين! اني اخشى عليك مما تنزليه بنفسك اذا سمعتي صوتي بالاذان.

فأقالته فاطمة(ع). ومن ذلك اليوم لم يؤذن بلال للناس(35) .

  

30ـ شفاعة فاطمة في المحشر  

روى عبدالله الانصاري(ره): قلت للامام الباقر(ع):

جعلت فداك: حدثني بحديث عن عظمة مقام امك فاطمة(ع) كلما حدثت به شيعتكم ومحبيكم يفرحوا ويسروا به.

فقال الامام الباقر (ع):

حدثني ابي عن رسول الله(ص) أنه قال:

اذا كان يوم القيامة نصب منابر للانبياء والرسل من نور فيكون منبري اعلى منابرهم يوم القيامة، ثم يقول الله:

يامحمد اخطب!

فاخطب بخطبة لم يسمع احد من الانبياء والرسل بمثلها, ثم ينصب للاوصياء منابر من نور, وينصب لوصيي علي بن ابي طالب في اوساطهم منبر من نور فيكون منبره اعلى منابرهم ثم يقول الله:

ياعلي اخطب!

فيخطب بخطبة لم يسمع احد من الاوصياء بمثلها, ثم ينصب لاولاد الانبياء والمرسلين  منابر من نور فيكون لابنيّ وسبطيّ وريحانتيّ أيام حياتي منبر من نور ثم يقال لهما: اخطبا‍.

فيخطبان بخطبتين لم يسمع احد من اولاد الانبياء والمرسلين بمثلها, ثم ينادي المنادي وهو جبرائيل (ع): اين فاطمة بنت محمد؟ اين خديجة بنت خويلد؟ اين مريم بنت عمران؟ اين آسية بنت مزاحم؟ اين ام كلثوم ام يحيى بن زكريا؟

فيقمن, فيقول الله تبارك وتعالى: يااهل الجمع لمن الكرم اليوم؟

فيقول محمد وعلي والحسن والحسين: لله الواحد القهار.

فيقول الله تعالى: يااهل الجمع! طأطؤا الرؤوس وغضّوا الابصار فان هذه فاطمة تسير الى الجنة.

فيأتيها جبرائيل (ع) بناقه من نوق الجنة مديّحة الجبينين, خطامها من اللؤلؤ الرطب, عليها رحل من المرجان فتناخ بين يديها فتركبها, فيبعث الله مائة الف ملك ليسيروا عن يمينها ويبعث اليها مائة الف يسيروا عن يسارها ويبعث اليها مائة الف ملك يحملونها على اجنحتهم حتى يصيروا على باب الجنة فاذا صارت عند باب الجنة تلتفت, فيقول الله:

يابنت حبيبي ما التفاتك وقد امرت بك الى الجنة؟

فتقول: يارب احببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم.

فيقول الله: يابنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حب لك او لاحد من ذريتك خذي بيده فادخليه الجنة.

قال ابوجعفر (ع): والله ياجابر انها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الردئ, فاذا صار شيعتها معها عند باب الجنة يلقي الله في قلوبهم ان يلتفتوا فاذا التفتوا يقول الله:

يا احبائي ما التفاتكم وقد شفعت فيكم فاطمة بنت حبيبي؟

فيقولون: يارب احببنا ان يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم.

فيقول الله: يااحبائي ارجعوا وانظروا  من اطعمكم لحب فاطمة, انظروا من كساكم لحب فاطمة انظروا من سقاكم شربة في حب فاطمة, انظروا من ردّ عنكم غيبة في حب فاطمة فخذوا بيده وادخلوه الجنة.

قال ابوجعفر(ع) : والله لايبقى في الناس الاّشاك او كافر او منافق فاذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال الله: ]فمالنا من شافعين ولاصديق حميم[ فيقولون:  فلو ان لنا كرة فنكون من المؤمنين.

قال ابوجعفر(ع) : هيهات هيهات منعوا مما طلبوا ]ولوردّوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون(36)[.

 

31ـ سباق الامام الحسن والامام الحسين(ع)  

كان الامام الحسن (ع) والامام الحسين (ع) يكتبان في صغر سنهما فقال الامام الحسن (ع) لاخيه الحسين (ع):

خطي افضل من خطك.

فقال الحسين (ع): لا بل خطي افضل.

فلتقضي بيننا امنا فاطمة (ع)

-  أماه أينا خطه افضل؟

فأحالتهما فاطمة (ع) على اميرالمؤمنين (ع) ليقضي بينهما وقالت:

اذهبا الى ابيكم واسألاه يا أبتاه أينا خطه افضل؟

فلم يقضي بينهما اميرالمؤمنين (ع) واحالهما على رسول الله (ص) وقال لهما:

إذهبا الى جدكما رسول الله (ص) ليحكم بينكما

فذهبا اليه فقالا:

يا جدّاه أينا خطّه افضل؟

فقال (ص): لااقضي بينكما حتى اسأل من جبرائيل.

فقال جبرائيل: يارسول الله (ص)، لااقضي بينهما حتى يقضي بينهما اسرافيل.

قال اسرافيل: لا اقضي بينهما حتى أسأل الله.

فقال اسرافيل: يارب خط الحسن افضل ام خط الحسين؟

جاءه الخطاب: ان امرهما موكول لامهما فاطمة فهي التي تقضي بينهما.

فقالت فاطمة (ع):

سأنثر بينكما جواهر هذه القلادة فمن جمع أكثر خطه أحسن.

فأمر الله جبرائيل أن يهبط الى الارض ويقسّمها بينهما بالسوية حتى لايقضى لاحدهما ففعل جبرائيل ذلك اكراماً لامهما وتعظيما لهما(37).

 

32ـ مراعاة الآداب  

مر الامام الحسن(ع)  والامام الحسين(ع)  بشيخ يتوضّأ ولايحسن الوضوء (و بما ان تعليم الجاهل واجب) عزما أن يعلمانه الوضوء ولكن بادب واحترام فتخاصما بينهما حتى أن الشيخ سمع حديثهما فقال أحدهما:

وضوئي صحيح ووضوئك غير صحيح.

فقال الآخر: لا بل وضوئي صحيح ووضوئك غير صحيح.

فجاءا الى الشيخ ليحتكما عنده فقالا:

نحن نتوضأ أمامك وانظر اينا  اصحّ وضوءاً.

فتوضئا وضوءاً صحيحا امام الشيخ فسألا الشيخ:

اينا وضوءه اصح؟

انتبه الشيخ الى طريقة الوضوء الصحيح والى قصد هذين الطفلين من تعليمه فقال بتمام التواضع:

كلاكما تحسنان الوضوء ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن وقد تعلم الآن منكما وتاب على يديكما ببركتكما وشفقتكما على أمة جدّكما(38) .

  

33ـ التعامل المنطقي مع النمام  

جاء نمام الى الامام الحسن (ع)  وقال:

فلان يذكرك بسوء.

فبدل أن يشجعه الامام (ع) عبسّ في وجهه وقال له:

القيتنا في تعب. فيجب أن نستغفر لانفسنا لاننا سمعنا غيبة المسلم, ويجب أن ندعو له لانه ارتكب ذنباً باستغابتنا(39).

  

34ـ حب رسول الله (ص) للحسين (ع)  

قال يعلى بن مرّة:

دعي رسول الله (ص) يوماً الى طعام فصادف في طريقه الحسين(ع) يلعب مع الصبيان فاستقبل النبي (ص) امام القوم ثم بسط يديه وتهيأ رسول الله (ص) ليضمه اليه.

لكن الطفل اخذ يركض ويلعب ويطفر مرة هنا واخرى هناك ورسول الله (ص) يضاحكه حتى امسك به, فوضع رسول الله (ص) احدى يديه تحت ذقنه والاخرى تحت قفاه ووضع فاه على فيه واخذ يقبل شفتيه ويقول:

حسين مني وانا من حسين, احب الله من احب حسيناً, حسين سبط من الاسباط(40).

 

35ـ المزاح صبح يوم عاشوراء  

امر الحسين(ع) صبح يوم عاشوراء, ان ينصبوا الخيام وقد عين خيمة للاستحمام والنظافة.

وقف برير مع عبدالرحمن الانصاري الى جانب الخيمة ينتظران سيدالشهداء ليخرج ويدخلا ليستحمّا بعده. اخذ برير يمازح عبدالله الانصاري ويلاطفه قال عبدالرحمن:

يا برير اتمزح وتضحك ما هذه ساعة باطل؟

فاجاب برير:

لقد علم قومي انني ما احببت الباطل كهلاً ولا شاباً وانما افعل ذلك استبشاراً بما نصيراليه فوالله ماهو الاّ ان نلقى هؤلاء القوم باسيافنا نعالجهم ساعة ثم نعانق الحورالعين(41).

  

36ـ رد التحية  

دخلت جارية للحسين(ع) فحيته بطاقة ريحان فرد الامام تحيتها بقوله:

أنت حرة لوجه الله.

قال انس الذى كان حاضراً:

تجيئك بطاقة ريحان لاقيمة لها فتعتقها؟

فتبسم الامام (ع) اظهاراً لرضاه وقال:

كذا أدبنا الله! اذ قال:  ]اذا حييتم بتحية فحيّوا بأحسن منها او ردّوها[,  فكان أحسن منها عتقها(42).

 

37ـ مقام وفضل المعلم  

علم عبدالرحمن السلمي سورة الحمد لاحد اولاد الحسين (ع) فقرأ الابن السورة لابيه فاهدى الامام الحسين (ع) لعبد الرحمن الف دينار والف حلّة وحشّا فاه درّاً فاعترض عليه البعض فاجاب الامام (ع):

اين هديتي من عطاء عبدالرحمن ثم انشد هذه الابيات:

اذا جاءت الدنياعليك فجد بها

على الناس طرا قبل ان تتفلت

فلا الجود يفنيها اذا هي اقبلت

ولا البخل يبقيها اذا ما تولت(43)

  

38ـ قافلة تسير الى الموت  

تحركت قافلة الامام الحسين (ع) من قصر بني مقاتل نحو كربلاء فبينما الامام (ع) على فرسه خفق ثم انتبه واخذ يردد ثلاث مرات:

انا لله وانا اليه راجعون والحمد لله ربّ العالمين.

فاقبل اليه ولده علي الاكبر وقال: ممّ حمدت الله واسترجعت؟

اجابه الامام (ع): خفقت خفقة فعنّ لي فارس وهو يقول: القوم يسيرون والمنايا تسير اليهم. فعلمت انها انفسنا نعيت الينا.

قال علي الاكبر: ياأبتاه ‍ لااراك الله سوءاً اولسنا على الحق؟

قال الامام (ع): والذي مرجع العباد اليه نحن على الحق.

قال علي الاكبر: اذاً لانبالي أن نموت محقين.

فقال الامام (ع): بني جزاك الله من ولد خير ما جزى ولداً عن والده(44).

 

39ـ الامام الحسين(ع) لايبالي بما يجري عليه  

قال علي بن الحسين (ع):

لما اشتد الامر بالحسين بن علي بن ابي طالب نظر اليه من كان معه فاذا هو بخلافهم, لانهم كلما اشتد الامر تغيرت الوانهم, وارتعدت فرائضهم, ووجلت قلوبهم, وكان من خصائص الحسين (ع) وبعض ممن أنهم تشرق الوانهم وتهدئ جوارحهم, وتسكن نفوسهم.

فقال بعضهم لبعض: انظروا لايبالي بالموت.

فقال لهم الحسين (ع): صبراً بني الكرام فما الموت الاّقنطرة تعبر بكم عن البؤس والضّراء الى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة, فايكم يكره أن ينتقل من سجن الى قصر؟ وماهو لاعدائكم الاّ كمن ينتقل من قصر الى سجن  وعذاب.

ان ابي حدثني, عن رسول الله (ص) ان الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والموت جسر هؤلاء الى جنانهم, وجسر هؤلاء الى جحيمهم, ما كذبت ولا كذبت(45).

  

40ـ زهير يلتحق بالامام الحسين (ع)  

حدث جماعة من فزارة ومن بجيلة, قالوا:

كنا مع زهير بن القين البجلي حين اقبلنا من مكة وكنا نساير الحسين (ع) فلم يكن شيء ابغض علينا من أن ننازلـه في منزل  فإذا سار الحسين (ع) فنزل في منزل نزلناه في غيره فنزل الحسين (ع) في جانب ونزلنا في جانب.

 فبينما نحن جلوس نتغذى من طعام لنا أذْ  أقبل رسول الحسين (ع) حتى سلم ثم دخل فقال:

يا زهير بن القين! ان اباعبدالله الحسين (ع) بعثني اليك لتأتيه.

فطرح كل انسان منا مافي يده حتى كأنَّ على رؤوسنا الطير فقالت لـه امرأته وهي دلهم بنت عمرو( سبحان الله):

ايبعث اليك ابن رسول الله (ص) ثم لا تأتيه؟ لو اتيته فسمعت كلامه ثم انصرفت.

فأتاه زهيربن القين فما لبث ان جاء مستبشراً قد اشرق وجهه فامر بفسطاطه وثقله ومتاعه فقوّض وحمل الى الحسين (ع) ثم قال لامرأته:

انت طالق. الحقي بأهلك فاني لااحب ان يصيبك بسببي الاّ خيراً. و قد عزمت على صحبة الحسين (ع) لافديه بروحي وأقيه بنفسي.

ثم اعطاها مالها وسلمها الى بعض بني عمها ليوصلها الى اهلها.

فقامت اليه وبكت وودعته وقالت:

جزاك الله خيراً اسألك أن تذكرني في القيامة عند جد الحسين (ع).

ثم قال لاصحابه:

من احب منكم ان يتبعني والاّ فهو آخر العهد اني سأحدثكم حديثاً: انا غزونا البحر ففتح الله علينا واصبنا غنائم فقال لنا سلمان(ره): افرحتم بما فتح الله عليكم واصبتم من الغنائم؟

فقلنا: نعم!

قال: اذا ادركتم سيد شباب آل محمد (ص) فكونوا اشد فرحاً بقتالكم معه مما اصبتم اليوم من الغنائم فاما أنا فاستودعكم الله.

ثم مازال في القوم مع الحسين حتى قتل(ره)(46).

  

41ـ والبيت يعرفه والحل والحرم  

حج هشام بن عبدالملك فاراد أن يمسك الحجر الاسود في طوافه فلم يتمكن لشدة ازدحام الناس فنصبوا لـه منبراً جلس عليه وأطاف به أهل الشام فبينما كان هشام ينظر الى الناس وهم يطوفون اذ اقبل الامام علي بن الحسين (ع) محرماً تعلوه الهيبة والوقار وعلى جبينه أثر السجود من أحسن الناس وجهاً واطيبهم رائحة فشرع الامام (ع)بالطواف حتى وصل الى الحجر الاسود فتنحّى عنه الناس حتى يستلمه هيبة لـه.

انزعج هشام لرؤية هيبة الامام (ع)و عظمته واحترام الناس له فالتفت رجل من اهل الشام الى هشام وقال لـه:

من هذا الذي احترمه الناس؟

ومع أن هشام كان يعرف الامام (ع) لكنه لايريد أن يعرفه أهل الشام لذلك أجاب:

اني لااعرفه!

قال الفرزدق الشاعر النبيل الذي كان حاضراً هناك: أنا اعرفه.

قال الرجل الشامي: ياابافراس! ومن هو؟

فانشد الفرزدق بكل شجاعة قصيدته الخالدة بحق الامام السجاد (ع) فقال:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا الذي احمد المختار والده

صلى عليه الهي ما جرىالقلم

لو يعلم الركن من جاء يلثمه

لخّر يلثم منه ما وطى القدم

هذا علي رسول الله والده

امست بنور هداه تهتدي الامم

هذا الذي عمّه الطيار جعفر

المقتول حمزة ليث حبّه قسم

هذا بن سيدة النسوان فاطمة

وابن الوصي الذي في سيفه نِقَمُ

وليس قولك من هذا؟ بضائره

العرب تعرف من أنكرت والعجم

و القصيدة اربعون بيتاً جاءت باكملها في البحار ونقلنا بعض مقاطعها رعاية للاختصار.

فغضب هشام من قصيدة الفرزدق وقال لـه:

لِمَ لَمْ تنشد مثلها بحقي؟

اجابه الفرزدق:

هات جداً كجدّه وابا كابيه واما كامّهِ حتى اقول فيك مثلها.

فأمر هشام ان يقطعوا دخله من بيت المال وامر بنفيه الى منطقه (عسفان) ــ  بين مكة والمدينة ــ وحبسه فيها.

فسمع الامام(ع) بذلك فارسل اليه اثنى عشر الف درهم وقال:

اعذرنا ياابا فراس! فلو كان عندنا اكثر من ذلك لوصلناك به.

فلم يقبلها الفرزدق وبعث الى الامام (ع):

يابن رسول الله (ص) انشدت قصيدتي حباً لله ورسوله فلا اريد قبالها اجراً.

وارجع المبلغ الى الامام (ع), فبعث الامام (ع) المبلغ اليه ثانية وقال:

بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيّتك.

فقبلها الفرزدق(47).

  

42ـ نور الامام الباقر(ع)  

قال ابوبصير:

دخلت الى المسجد مع الامام الباقر (ع) والناس يدخلون ويخرجون فقال لي:

اسأل من الناس هل يروني؟

فكل ماسألت من أحد:هل رأيت اباجعفر؟ يقول: لا! مع أن الامام كان واقفاً في المسجد.

فدخل ابو هارون المكفوف ( وكان ضريراً) فقال لي الامام(ع):

اسأل من ابي هارون هل يراني؟

فسألته: هل رأيت اباجعفر؟

اجاب: اليس هو بقائم هناك.

فقلت له: كيف عرفت؟

قالي لي: وكيف لا اعرف وهو نور ساطع(48).

  

43ـ رجل من البرزخ  

روى ابو عُتيبة:

كنت عند الامام الباقر (ع) فدخل شاب من اهل الشام فقال:

أنا من أهل الشام اتولاكم وابرء من عدوكم وابي كان يتولى بني أمية وليس عنده اولاد غيري. لذلك اخفى امواله حتى لاتصل اليّ بعد موته فبحثت عنها كثيراً ولم أجدها.

فقال الامام الباقر (ع):

هل تحب أن تراه وتسأل منه عن مكان الاموال؟

قلت: نعم! والله اني بحاجة اليها.

فكتب الامام (ع) كتاباً وختمه بخاتمه ثم دفعه اليّ وقال:

اذهب به هذه الليلة الى مقبرة البقيع وقف وسط المقبرة. ونادي يادرجان يادرجان. فيأتيك شخص تدفع له الكتاب وتقول له بعثني الباقر وهو سيحضر لك أباك واسأل منه ماشئت!

فاخذ الشاب الكتاب وصنع كما قال لـه الامام (ع). يقول ابو عتيبة:

ذهبت مبكراً في اليوم التالي لأرى ما صنع الشاب في الليلة الماضية, فرأيته واقفاً على الباب ينتظر الاذن للدخول فوقفت معه ودخلنا معاً فقال الشاب للامام (ع):

ذهبت البارحة وصنعت كما امرتني, ناديت يادرجان فجاءني وقال لي: ابق مكانك لاتيك بابيك.

بقيت انتظر الى أن جاءني برجل اسود قد احرقته النار وغيّره اللهب ودخان الجحيم والعذاب الاليم, فقال درجان:

هذا هو ابوك.

فسألته: أنت أبي؟

قال: نعم.

قلت: فما غيرك عن صورتك وهيئتك؟

قال: يابنيّ أنا كنت أتولىّ بني أمية وافضلهم على أهل البيت لذلك ابتلاني الله بهذا العذاب وكنت لااحبك لانك من اتباع اهل البيت وقد اخفيت عنك اموالي, والآن انا نادم على كل ذلك, يابنيّ ‍! اذهب الى بستاني واحفر تحت شجرة الزيتونة فستجد مائة الف درهم خذ منها خمسين الف درهم واعطي الخمسين الاخرى للامام الباقر (ع)(49).

 

44ـ الامام الصادق (ع) والتجارة المنصفة 

دفع الامام الصادق (ع) لغلامه مصادف الف دينار ليتاجر بها في مصر.

اخذ الغلام المال واشترى به بضاعة وانطلق برفقة التجار الذين اشتروا نفس بضاعته باتجاه مصر فالتقوا في الطريق بقافلة تعود من مصر فسألوهم عن بضاعتهم ليروا مدى حاجة الناس اليها في مصر فقال لهم اهل القافلة:

ان بضاعتكم ليست متوفرة في مصر.

فعرف الغلام والتجار شحة بضاعتهم في مصر وشدة حاجة الناس اليها, فتعاهدوا بينهم أن لايبيعونها باقل من ضعف قيمتها.

و بالفعل بعدما وصلوا الى مصر باعوها كما اتفقوا عليه بضعف قيمتها فرجع الغلام بالف دينار ربح على اصل رأس المال فدفع الى الامام (ع) كيسين وقال:

جعلت فداك! كيس فيه اصل رأس المال وكيس فيه الف دينار ربح التجارة.

فقال الامام (ع):

هذا ربح كثير كيف حصلت عليه ؟

قال مصادف:

عرفنا في الطريق بان بضاعتنا ليست متوفرة في مصر فتعاهدنا أن لانبيعها با قل من ضعف قيمتها لذلك حصلت على هذا الربح الكثير.

قال الامام (ع):

سبحان الله! تتعاهدون للاضرار بالمسلمين بان لاتبيعون بضاعتكم باقل من ضعف قيمتها؟

فاخذ الامام (ع) احد الكيسين وقال: هذا اصل رأس المال.

ودفع الآخر وقال:

لااريد من الربح الذي لم تنصف الناس فيه.

ثم قال:

يامصادفّ الضرب بالسيف اسهل من كسب الحلال(50).

 

45ـ أهم وصية قبل الوفاة  

قال ابوبصير:

ذهبت الى دار الامام الصادق (ع) بعد وفاته لاعزّي زوجته (حميدة) , فبكت عندما رأتني واخذت ابكي معها فقالت لي:

يا ابابصير! لو كنت حاضراً لرأيت عجباً.

قلت لها: ماالامر؟

قالت: طلب الامام (ع) آخر ساعة حياته كل أهل بيته فاجتمعنا عنده بحيث لم يبق احد لم يأت, فنظر الامام (ع) اليهم وقال:

(أن شفاعتنا لاتنال مستخفاً بالصلاة)(51).

 

46ـ اسفه الناس  

قال الامام الصادق (ع):

اذا جاءكم شارب الخمر فلا تزوجّوه, ولاتصدقوا حديثه, ولاتشفعوه في أحد, ولاتثقوا به, ومن دفع لـه امانة ففرط بها فان الله لايثيب صاحبها ولايعوضه عنها.

ثم قال:

اردت يوماً ان اعطي شخصاً مالاً يتاجر به في اليمن فأشرت على ابي الامام الباقر (ع):

أصلاحٌ أن اعطي فلاناً مالاً يتاجر به؟

فقال: ألا تعلم بان فلاناً يشرب الخمر؟

قلت: نعم سمعت بعض المؤمنين يقول ذلك.

قال: صّدق كلامهم! لان الله يقول لنبيّه بأنه يؤمن لله ويصدق المؤمنين فصدق كلام المؤمنين.

ثم قال: لو دفعت له مالاً وفرّط به فان الله لايثيبك ولا يعوّضك عنه.

قلت: لماذا؟

قال: لقوله تعالى ]لاتؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قيامًا(52)[. وهل اسفه من شارب الخمر؟

ثم قال:

مادام العبد لم يشرب الخمر فان الله يظلله برحمته ويستر عيبه, فاذا شرب الخمر هتك ستره ولم يظلله برحمته, فتصبح اذنه وعينه ويده, ورجله كلها شيطاناً تدعوه الى الشر وتصدّه عن كل خير(53).

  

47ـ مراتب الايمان العشرة  

قال عبد العزيز القراطيسي:

قال لي الامام الصادق(ع):

ياعبد العزيز! ان الايمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة فلايقولن صاحب الواحد لصاحب الاثنين لست على شيء, حتى ينتهي الامام (ع) الى العاشر. ثم قال:

ولاتسقط من هو دونك فيسقطك الذي هو فوقك فاذا رأيت من هو اسفل منك فارفعه اليك برفق ولاتحملن عليه مالايطيق فتكسره فانه من كسر مؤمنا فعليه جبره.

ثم قال:

كان المقداد في المرتبة الثامنة وابوذر في المرتبة التاسعة وسلمان في العاشرة(54).

 

48ـ رد منطقي  

كتب المنصور الدوانيقي الى الامام الصادق (ع):

لماذا لاتغشانا كما يفعل باقي الناس؟

فكتب له الامام (ع):

ليس لنا ما نخافك عليه ولاعندك من أمر الآخرة ما نرجوك له ولا انت في نعمة فنهنئك, ولا في نقمة فنعزيك بها فما نصنع عندك؟

فكتب له المنصور:

تصحبنا لتنصحنا!

فاجابه الامام (ع):

من اراد الدنيا لاينصحك ومن اراد الآخرة لايصحبك فقال المنصور: والله لقد ميز عندي منازل الناس من يريد الدنيا ممن يريد الآخرة, وانه ممن يريد الآخرة لا الدنيا(55).

 

49ـ لاتسرفوا  

عن ابان بن تغلب قال: قال لي الامام الصادق (ع):

يا أبان! اتظن ان من وسع الله عليه رزقه فذلك لمقامه وقربه من الله وان من قدر عليه رزقه فذاك لبعده عن الله؟.

ياابان ليس الامر كما تظن فان المال مال الله اودعه امانة عند الناس لياكلوا ويشربوا ويلبسوا ويتزوجوا منه ويديروا امور معاشهم بلا اسراف ويعطون فاضلهُ للفقراء والمؤمنين ليقضوا به حوائجهم, فمن فعل ذلك بما انعم الله عليه فهو حلال لـه وحلال ما يأكل ومايلبس وما يركب ومايتزوج منه ومن اسرف في ذلك فهو حرام عليه.

يا ابان! اتظن ان من اعطاه الله من فضله وجوده مالاً أمانة عنده يحق لـه أن يشتري فرساً بعشرة آلاف دينار مع وجود من تكفيه بعشرين دينار؟ او يشتري أمة بعشرة آلاف دينار مع وجود من تكفيه بعشرين دينار.

ثم قال: لاتسرفوا فان الله لايحب المسرفين(56)

50ـ الموت على اسوء حال 

جاء شخص الى الامام الصادق (ع) وقال: فداك امي وابي! عندي جيران وعندهم جواري يتغنين ويضربن بالعود فاذهب لقضاء الحاجة فربما اطلت الجلوس استماعاً مني لهن.

فقال له الامام (ع): لاتفعل.

قال الرجل: والله ما هو شيء آتيه برجلي انما هو سماع اسمعه باذني.

فقال لـه الامام (ع): انت اما سمعت الله يقول ]ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولاً[.

قال الرجل: بلى والله فكاني لم اسمع هذه الآية قط من كتاب الله من عجمي ولا عربي لاجرم اني لا اعود انشآء الله واني استغفر الله.

فقال لـه الامام (ع): قم فاغتسل وصلّ ما بدا لك فانك كنت مقيماً على امر عظيم ما كان اسوء حالك لومت على ذلك احمد الله وَسَلْهُ التوبة من كل ما يكره انه لايكره الاّ القبيح والقبيح دعه لاهله فأن لكل أهلاً(57).

  

51ـ ثلاث وصايا مهمة عن الامام الصادق(ع)  

عن عبد الاعلى أحد الشيعة وكان يسكن الكوفة, قال:

كتب بعض اصحاب الامام الصادق (ع) رسالة الى الامام(ع) سألوا فيها عن بعض المسائل التي يحتاجون اليها كما حملوني شفاهياً ان أسأل الامام (ع) عن حق المسلم على اخيه المسلم.

قال: دخلت المدينة وذهبت الى الامام (ع) فدفعت اليه رسالة الاصحاب وسألته ايضاً عن (حق المسلم على أخيه المسلم)؟

فاجاب الامام (ع) على رسالة الاصحاب ولم يجب على سؤالي, وعندما اردت العودة الى الكوفة ذهبت الى الامام (ع) كي أودعه فقلت له:

يابن رسول الله! سألت منك عن حق المسلم على اخيه المسلم ولم تجبني.

فقال الامام (ع): ما أحببت أن أجيبك.

قلت: لماذا يابن رسول الله؟

قال: لاني خفت ان اقول لكم الحقيقة فلا تعملون بها فتكونون كفاراً.

ثم قال الامام (ع):

اعلم ان اصعب واهم واجبات الله على خلقه ثلاث:

ان تنصف الناس من نفسك حتى لاترضى لغيرك مالا ترضاه لنفسك.

 ان لاتبخل على الناس بمالك.

ذكر الله على كل حال ولا اقصد من ذكر الله قول (سبحان الله والحمد لله) بل ان يذكر الله اذا همّ بفعل الحرام فيصُّده عن اقتراف الذنب(58).

 

 

52ـ مساعدة الفقراء  

عن محمد بن عجلان قال:

كنت عند الامام الصادق (ع) اذ دخل شخص من الشيعة وسلم وجلس فسأله الامام (ع):

كيف حال اخوانك؟

قال الرجل: نِعْمَ الاخوان.

قال الامام (ع): أيصل اغنيائهم فقرائهم؟

قال الرجل: ليس كما يُظن.

قال الامام (ع): اينفقون على محتاجهم؟

قال الرجل: يابن رسول الله! تسأل عن صفات لاتكاد اليوم تجدها عند الناس.

فقال الامام (ع): فكيف يسمون انفسهم شيعة انما الشيعة يصلون الفقراء ويقضون حوائجهم(59).

  

53ـ الاحسان قبل السؤال  

عن اسحاق قال:

كنت عند الامام الصادق (ع) وكان المعلّى بن خُنيس حاضراً, فدخل رجل من اهل خراسان وقال:

يابن رسول الله! فقدت اموالي ولا اتمكن من العودة الى داري الاّ أن تعينني على ذلك.

فالتفت الامام (ع) يميناً وشمالاً وقال:

الا تسمعون ما يقول اخوكم في الدين؟ فان الاحسان ان تعطي قبل السؤال اما بعد السؤال فجزاءه مآء الوجه.

ثم قال: قال رسول الله (ص):

والذي فلق الحبة وبرء النسمة وبعثني بالحق نبياً ان ما يلحق السائل من أذى من سؤاله هو أكثر مما تحسن اليه.

ثم جمعوا له خمسة آلاف درهم ودفعوها له(60).

 

54ـ اوزار السفهآء على عاتق العلماء  

قال الحارث بن المغيرة:

التقيت بالامام الصادق (ع)احدى الليالي في احد طرق المدينة فقال لي: يا حارث!

قلت: لبيك!

قال: اوزار سفهائكم يحملها علمائكم ثم مضى في طريقه.

يقول الحارث: بعد ايام استأذنت على الامام الصادق (ع) وقلت له:

جعلت فداك لماذا قلت لي ان اوزار سفهائكم يحملها علمائكم؟ فقد فهمت منه ما شغل بالي.

قال الامام (ع): نعم كما قلت لك فأن اوزار سفهائكم يحملها علمائكم مالكم اذا رأيتم من يعمل منكراً لاتنهونه ولاتردونه بالموعظة الحسنة ؟

قلت: لو نصحناه فانه لايقبل منا ولا يطيع لنا.

قال: اذا كان كذلك فلا تصحبوه(61)

 

55ـ حسن الجوار  

قال شخص:

ذهبت الى الامام الصادق (ع) وقلت له: لي جار يؤذيني

قال: أحسن اليه!

قلت: لا رحمه الله!

فصدّ الامام (ع) بوجهه عنّي. يقول الراوي: اردت ان افارق الامام (ع)على تلك الحال وان الفت نظره الي فقلت له:

ان جاري يفعل كذا وكذا

قال: اتظن انك لو اعلنت له العداء بامكانك ان تنتقم منه؟

قلت: نعم! بامكاني ذلك.

قال: ان جارك يحسد الناس على نعم الله عليهم فمثله اذا رأى نعمة لغيره تأججت نار الحسد في نفسه فان كانت له زوجة فأنه يؤذيها وان لم تكن عندهُ زوجه فانه يؤذي خادمه وان لم يكن عنده خادم فانه لاينام ليله ولا يرتاح نهاره(62).

 

56ـ برهان على وجود الله  

عن هشام بن الحكم قال: قال لي ابوشاكر الديصاني:

ان لي مسألة تستأذن لي على صاحبك ــ يعني الامام الصادق(ع) ــ فاني قد سألت عنها جماعة من العلماء فما اجابوني بجواب مشبع.

فقلت: فهل لك ان تخبرني بها فلعل عندي جواباً ترتضيه؟

فقال: اني احب ان القى بها اباعبدالله (ع).

فأستأذنت له فدخل فقال له: أتاذن لي بالسؤال؟

فقال لـه: سَلْ عمّا بدا لك.

فقال لـه: ما الدليل على ان لك صانعاً؟

قال الامام(ع): وجدت نفسي لاتخلو من احدى جهتين اما أن اكون صنعتها أنا, فلا اخلو من احدى معنيين اما ان اكون صنعتها وكانت موجودة او صنعتها وكانت معدومة فان كنت صنعتها وكانت موجودة فقد استغنيت بوجودها عن صنعها وان كانت معدومة فانك تعلم أن المعدوم لا يحدث شيئاً, فقد ثبت المعنى الثالث ان لي صانعاً وهو الله رب العالمين.

فقام ابوشاكر وما أجاب جواباً(63).  

 

57ـ اربعة لايستجاب دعائهم 

قال الامام الصادق (ع):

اربعة لايستجاب دعائهم:  رجل يجلس في داره ويقول: اللهم ارزقني! فيقول لـه الله: ألم آمرك بالسعي في طلب الرزق؟

ورجل يدعو على زوجته تؤذيه. فيقول لـه الله: الم اجعل أمر طلاقها بيدك؟

ورجل أتلف ماله في اسراف ويقول: اللهم ارزقني! فيقول لـه الله: ألم آمرك ان لاتسرف؟ فتلى الامام (ع) قوله تعالى:  ]والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً(64)[.

ورجل اقرض ماله لشخص بلاشاهد ولا كتاب (ثم انكر المدين) فيطلب من الله أن يعينه فيقول لـه الله: ألم آمرك أن تشهد على دَينك(65)؟.

  

58ـ الامام الكاظم(ع) في قصر هارون الرشيد  

احضروا الامام الكاظم (ع) يوماً الى أحد قصور هارون المشيّدة في بغداد.

قال هارون الذي غرّته السلطة والخلافة:

لمن هذه الدار؟

- يريد هارون ان يري الامام (ع) هيبة وعظمة القصر-

اجابه الامام الكاظم(ع):

هذه دار الفاسقين الذين قال الله تعالى عنهم ]سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق وان يروا كل آية لايؤمنوا بها وان يروا سبيل الرشد لايتخذوه سبيلاً وان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً ذلك بانهم كذبوا باياتنا وكانوا عنها غافلين(66)[ وانت ياهارون ممن تكبر على الحق.

فانزعج هارون من جواب الامام (ع) فسأله:

فدار من هي؟

قال الامام الكاظم(ع):

هي لشيعتنا فترة, ولغيرهم فتنه.

قال هارون:

فمال بال صاحب الدار لايأخذها؟

قال الامام الكاظم(ع):

أخذت منه عامرة ولايأخذها الاّمعمورة(67).

  

59ـ خدمة الطاغوت 

كان علي بن يقطين وزيراً في دولة هارون الرشيد, وفي نفس الوقت يعتبر من شيعة ومحبّي اهل البيت (عليهم السلام) ومن خاصة اصحاب الامام موسى بن جعفر (ع), وبالرغم من أن الائمة لم يجوزوا العمل للسلاطين الاّ انهم حصروا هذا الامر على بعض اصحابهم ممن يعتمد عليهم ومن جملتهم علي بن يقطين الذي استأذن عدة مرات من الامام الكاظم (ع) ليسمح لـه أن يستقيل من مقام وزارته الاّ أن الامام (ع) لم يوافق فقد روى علي بن طاهر:

استأذن علي بن يقطين مولاي الكاظم (ع) في ترك عمل السلطان فلم يأذن له وقال:

لاتفعل فان لنا بك أنساً, ولاخوانك بك عزّاً وعسى أن يجبر الله بك كسراً, ويكسر بك نائرة المخالفين عن اوليائه.

يا علي! كفارة اعمالكم الاحسان الى اخوانكم.

ثم قال لـه:

اضمن لي واحدة اضمن لك ثلاثاً اضمن لي أن لا تلقي احداً من اوليائنا الاّقضيت حاجته واكرمته. واضمن لك ان لايظللك سقف سجن ابداً, ولايدخل الفقر بيتك ابداً, ولاينالك حد سيف ابداً.

يا علي! من سرّ مؤمنا فبالله بدء وبالنبي (ص) ثنّى وبنا ثلّث(68).

 

60ـ ابو حنيفة يسأل من الامام الكاظم (ع) 

قال ابو حنيفة:

ذهبت الى ابي عبد الله الصادق (ع) لاسأله عن مسائل فقيل لي : انه نائم. فجلست انتظر حتى يستيقظ فرأيت غلاماً جميل المنظر ذاهيبة وحسن سمت له خمس اوست سنوات فسألت عنه فقالوا: هو موسى بن جعفر (ع) فسلمت عليه وقلت له :

يابن رسول الله! ما تقول في افعال العباد, ممّن هي؟

قال: يا نعمان قد سألت فاسمع واذا سمعت فعُه واذا وعيت فاعمل ثم قال (أن افعال العباد لاتخلو من ثلاثة منازل اما ان تكون من الله تعالى خاصة او من الله ومن العبد على وجه الاشتراك فيها, او من العبد خاصة فلو كانت من الله تعالى خاصة لكان اولى بالحمد على حسنها  والذم على قبحها ولم يتعلق بغيره حمد ولا لوم فيها ولو كانت من الله ومن العبد لكان الحمد لهما معاً فيها والذم عليهما جميعاً فيها, واذا بطل هذان الوجهان ثبت انها من الخلق, فان عاقبهم الله تعالى على جنايتهم بها فله ذلك, وان عفى عنهم فهو اهل التقوى واهل المغفرة)(69).

 

61ـ الراحة عند الموت  

كان احد اولاد الامام الكاظم (ع) يحتضر في فراش الموت فقال الامام(ع)لولده القاسم:

قم واقرء سورة الصافات عند رأس اخيك!

فقرأ فعندما بلغ الآية ]أهم اشدُّ خلقاً ام من خلقنا[(70) توفي الشاب فكفنوه وحملوه الى المقبرة. فقال يعقوب بن جعفر للامام الكاظم(ع):

كنا نعهد الميت اذا نزل به الموت يقرأ  عنده  ]يس والقرآن الحكيم[ فصرت تأمرنا بالصافات.

قال الامام الكاظم(ع):

لم تقرأ عند مكروب من موت قط الاّ عجل الله راحته(71).

 

62ـ التفاضل بالتقوى  

خرج زيد اخو الامام الرضا (ع) في المدينة, فاحرق بيوتاً وقتل اناساً لذلك لقبُّوه (بزيد النار).

ارسل المأمون جماعة في طلبه فاحضروه له. فعفى عنه المأمون لانه اخو الامام الرضا(ع) وامر ان ياخذوه الى الامام الرضا(ع), يقول الحسن بن موسى الوشاء:

كنت في خراسان مع الامام الرضا (ع) وكان زيد بن موسى الكاظم (ع) حاضراً وقد اقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم ويقول: نحن ونحن. وكان الامام الرضا (ع) مقبل على قوم يحدّثهم فسمع الامام (ع) كلام زيد فالتفت اليه وقال:

يازيد أغرّك قول بقالي الكوفة حيث قالوا: ان فاطمة احصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار واللهّ ان هذا مقام للحسن والحسين (عليهما السلام) وولد بطنها خاصة فهل يمكن ان اباك الامام موسى بن جعفر يطيع الله ويصوم نهاره  ويقوم ليله وانت تعصي الله وكلاكما تدخلان الجنة؟

و اذا كان كذلك فان مقامك اعلى من مقام موسى بن جعفر(ع) لانه دخل الجنة بتعب ومشقة وانت دخلتها بلامشقة. مع ان زين العابدين علي بن الحسين (ع) يقول: (لمحسننا كفلان من الاجر ولمسيئنا ضعفان من العذاب)

فقال زيد: انا اخوك فادخل الجنة لقرابتي منك.

فقال الامام (ع): انما تكون اخي ومن اهل بيتي اذا كنت مطيعاً لله.

ثم قال: ان ابن نوح (ع) مادام لم يعص فهو من اهل بيته ولكن لما عصى الله عزوجل قال الله لنبيّه ]انه ليس من اهلك[(72).

  

63ـ روضة من رياض الجنة 

قال الامام الرضا (ع):

في خراسان بقعة مباركة يأتي عليها زمان تتنزل عليها الملائكة الى يوم القيامة وحتى ينفخ في الصور فتنزل مجموعة من الملائكة وتصعد اخرى الى السماء.

فسألوا الامام (ع): واين مكان هذه البقعة؟

قال الامام الرضا (ع):

في ارض طوس, والله! انها روضة من رياض الجنة, فمن زارني فيها مخلصاً كان كمن زار رسول الله (ص) واعطاه الله ثواب الف حجة والف عمرة مقبولة, وسأكون انا وآبائي شفعائه يوم القيامة(73).

 

64ـ استغاثة العصفور  

روى سليمان الجعفري:

كنت عند الامام الرضا (ع) في المزرعة اذ جاءت عصفورة  فوقعت بين يديه واخذت تصيح وتكثر الصياح وتضطرب.

فقال لي الامام (ع):

ياسليمان! اتدري ما تقول هذه العصفورة ؟

قلت: الله ورسوله وابن رسوله اعلم.

قال: انها تقول: ان حية تريد اكل فراخي في البيت.

ثم قال لي: فقم وخذ تلكَ النبعَة وادخل البيت واقتل الحية.

قال سليمان: فاخذت النبعة وهي العصا ودخلت البيت واذا حية تجول في البيت فقتلتها وجئت بها الى الامام (ع)(74).

 

65ـ المساواة من وجهة نظر الامام الرضا (ع)  

روى رجل من اهالي بلخ:

كنت مع الرضا (ع) في سفره الى خراسان فدعا يوماً بمائدة له فجمع عليها مواليه والخدمه وحتى العبيد وغيرهم, فقلت:

جعلت فداك لو عزلت لهؤلآء مائدة.

فقال الامام (ع):

مه ان الربّ تبارك وتعالى واحد والام واحدة والاب واحد والجزاء بالاعمال(75).

 

66ـ صلاحه في ذلك  

روى صفوان بن يحيى:

كنت مع الامام الرضا (ع) في المدينة فمررنا بشخص جالس فاشار الرجل الذي كان جالساً بيده الى الامام (ع) وقال: هذا امام الرافضة.

فقلت للامام (ع): سمعت ما قال هذا الرجل القاعد؟

قال الامام (ع): نعم انه مؤمن مستكمل الايمان.

فلما كان بالليل دعا عليه فاحترق دكانه ونهب السراق ما بقي من متاعه.

يقول صفوان: فرأيته من الغد بين يدي ابي الحسن (ع) خاضعاً مستكيناً فامرله الامام (ع) شيء ثم قال:

يا صفوان! اما انه مؤمن مستكمل الايمان ومايصلحه غير ما رأيت(76).

 

67ـ الامام الجواد والرجل المحسن 

جاء شخص معروف بالاحسان الى الناس فرحاً مسروراً الى الامام الجواد (ع) فقال لـه الامام (ع): اراك مسروراً؟

قال الرجل: يابن رسول الله (ع)! سمعت اباك الرضا (ع) يقول: ان يوم الفرح والسرور هو اليوم الذي تقضي فيه حاجات اخوانك واليوم راجعني اصحاب حاجات مختلفة فقضيت حاجاتهم باذن الله لذلك أنا مسرور.

فقال له الامام الجواد (ع):

بنفسي جدير بك أن تفرح‍ بشرط أن لاتضيع اعمالك ولاتبطلها(77) ثم تلى قوله تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى[.(78)

 

68ـ الامام الجواد (ع) يعوّض المتهم البريء  

روى علي بن جرير:

كنت جالساً في دار الامام الجواد (ع) وقد ضاعت شاة لمولاة من بيت الامام (ع), وقد خرج رجال في طلبها فاتهموا احد جيران الامام (ع) فجاءوا به سحباً على الارض ويقولون له: أنت! أنت الذي سرقت الشاة .

فقال لهم الامام (ع): ويلكم خلوا سبيله انه لم يسرقها, أما الشاة فهي في دار فلان فاذهبوا وأتوا بها‍‍‍ !

فذهبوا الى ذلك المنزل واخذوا الشاة واتهموا صاحب المنزل بانه سرقها فمزقوا ثيابه واوجعوه ضرباً وهو يصرخ ويقسم بالله بأنه لم يسرق الشاة, فجاءوا به الى الامام (ع) فقال:

ويحكم! ظلمتم الرجل ان الشاة بنفسها دخلت داره ولاعلم له بها.

فدعاه الامام (ع) فوهب لـه شيئاً بدل ما خرق من ثيابه وضربه(79).

  

69ـ الامام الهادي (ع) وسط الاسود 

ادعت امرأة في زمن خلافة المتوكل العباسي بانها زينب بنت اميرالمؤمنين علي (ع) فاخذت تجمع اموالاً من الناس فاحضروها الى المتوكل فقال لها المتوكل:

انت امراة شابة وقد مضى من وقت رسول الله (ع) ما مضى من السنين.

فقالت: ان رسول الله (ع) مسح على رأسي وسأل الله أن يردّ علي شبابي في كل اربعين سنة ولم اظهر للناس الى هذه الغاية ولكن الحاجة دعتني الى ذلك.

فاحضر المتوكل بعض مشايخ آل ابي طالب وولد العباس وقريش وعرفهم حالها فقال بعضهم:

روي ان زينب بنت علي (ع) توفيت في سنة كذا.

فقال لها المتوكل: ما تقولين في هذه الرواية؟

قالت: انها كذب وزور فان امري كان مستوراً عن الناس فما يعرف لي حياة ولاموت.

فقال لهم المتوكل: هل عندكم حجة على هذه المرأة غير هذه الرواية؟

قالوا: لا دليل عندنا ولكن الافضل ان تحضر ابن الرضا  (ع) فلعل عنده شيئاً من الحجة غير ما عندنا.

فارسلوا الى الامام (ع) فحضر وقالوا له ماتدعيه المرأة.

فقال الامام (ع): كذبت فان زينب توفيت في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا.

قال المتوكل: لقد قالوا لها ذلك لكنها لم تقبل الرواية وانا أقسمت ان لا انزلها الاّ بحجة تلزمها.

فقال الامام (ع): فلا عليك منها هنا حجة تلزمها وتلزم غيرها.

قال المتوكل: وماهي؟

قال الامام(ع): لحوم بني فاطمة محرمة على السباع فانزلها الى السباع فان كانت من ولد فاطمة فلا تضرها.

فقال المتوكل للمرأة: ماذا تقولين؟

قالت: انه يريد قتلي.

قال: ها هنا جماعة من ولد الحسن والحسين(ع) فانزل من شئت منهم.

قال: والله لقد تغيرت وجوه الجميع فقال بعض اعداء الامام (ع): لماذا لايدخل بنفسه على السباع فهو يحيل على غيره؟

استحسن المتوكل هذا الرأي لانه كان يرغب في التخلص من الامام (ع) دون أن تكون له يد في ذلك! فقال للامام(ع): لماذا لا تدخل بنفسك؟

قال الامام (ع): ذاك اليك.

فقال المتوكل: فافعل.

دخل الامام على الاسود وكانت ستة فوقف امامها والتفّت الاسود حوله ووضعت ايديها على الارض ورأسها فوق ايديها واخذ الامام (ع) يمسح على رؤوسها واشار عليها ان تقف جانباً فوقفت جانباً.

قال احد وزراء المتوكل لـه: ما هذا صواباً فبادر باخراجه, من هناك قبل أن ينتشر خبره.

فطلب المتوكل من الامام (ع) ان يخرج واعتذر من الامام (ع) بانه لايريد سوءاً به وانما يريد ابطال كلام المرأة. فلما اراد الامام (ع) ان يخرج أحاطت به الاسود واخذت تمسح رؤوسها بثيابه فوضع الامام (ع) قدمه على اول درجة من السُّلم وامرها ان ترجع فرجعت وخرج الامام (ع).

فقال المتوكل: أنزلي!

قالت: الله! الله! ادعيت الباطل وانا بنت فلان حملني الضر على ما قلت.

قال المتوكل: القوها الى السباع فاستوهبتها والدته(80).

  

70ـ فتوى الامام الهادي(ع) بحق المسيحي الزاني 

جاءوا برجل مسيحي فجر بامرأة مسلمة الى المتوكل, فاراد المتوكل أن يقيم عليه الحد الشرعي فاسلم المسيحي قبل ذلك.

قال يحيى بن أكثم (قاضي القضاة):

الاسلام يجبُّ عمّا سبق فلايقام عليه الحد الشرعي.

وقال بعض الفقهاء:

يقام عليه الحد الشرعي ثلاث مرّات.

وادى هذا الاختلاف في الفتوى بالمتوكل ان يكتب الى الامام الهادي(ع) يسأله عن الحكم.

فكتب الامام (ع) في جوابه:

(يضرب بالسوط حتى الموت).

فاعترض يحيى بن أكثم وبعض الفقهاء على فتوى الامام (ع) وقالوا:

ان هذه الفتوى لا دليل عليها من الآيات ولا الروايات.

فكتب المتوكل الى الامام الهادي(ع) يسأله عن مستند الفتوى.

فاجابه الامام (ع):

]بسم الله الرحمن الرحيم فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يكن ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا...[(81)

فاقتنع المتوكل بجواب الامام (ع) واقاموا الحد على المسيحي فضربوه بالسوط حتى مات(82).

 

71ـ الامام الحسن العسكري (ع) والمساكين 

قال محمد بن علي:

ساءت اوضاعنا المادية حيث اصبحت حياتنا صعبة للغاية فقال لي والدي:

لنذهب الى الامام الحسن العسكري (ع) فقد سمعت انه يساعد الفقراء.

قلت لـه: وهل تعرفه؟

قال: لااعرفه ولم أرَه .

فذهبنا الى الامام (ع) فقال لي والدي في الطريق:

انا محتاج الى خمسمائة درهم ليت الامام (ع) يعطينا اياها لاشتري بمائتين منها ثياباً وبمائتين طحيناً ومائة لمستلزمات اخرى.

يقول محمد بن علي:

فقلت مع نفسي ليت الامام (ع) يعطيني ثلاثمائة درهم لاشتري بمائة منها حماراً ومائة لمستلزمات الحياة ومائة اسافر بها الى جبل (المناطق الجبلية في غرب ايران ــ همدان ــ قزوين) فعندما وصلنا الى منزل الامام (ع) خرج لنا غلام فقال:

ليدخل علي بن ابراهيم وابنه فدخلنا قال الامام (ع)لوالدي:

ياعلي لماذا لم تأتنا لحد الآن؟

قال والدي:

مولاي استحي ان اراك وانا بهذا الحال.

وبعد ان انصرفنا من عند الامام (ع) تبعنا غلامه فاعطى لوالدي كيساً وقال له:

هذه خمسمائة درهم أشتري بمائتين منها ثياباً وبمائتين منها طحيناً والباقي لمستلزمات الحياة.

بعد ذلك دفع لي كيساً وقال لي:

هذه ثلاثمائة درهم! اشتري بمائة منها حماراً, وبمائة منها ثياباً, والباقي لسائر حاجاتك.

ثم قال: لاتسافر الى ايران بل سافر الى سورا (منطقة في العراق في بغداد).

فذهب محمد بن علي الى سورا وتزوج هناك وكان واردُه يومّياً اربعة آلاف دينار, ولكن مع هذا فقد بقي واقفياً في عقيدته على الامام السابع(83).

  

72ـ جواب سؤال 

روى ابوهاشم:

سأل شخص من الامام العسكري (ع): لماذا ترث المرأة نصف ميراث الرجل؟

قال الامام (ع): لان المرأة لا جهاد ولا نفقة عليها وليس عليها دية قتل خطأ العاقلة(84).

يقول ابوهاشم: قلت في نفسي: هذه المسألة سألها (ابن ابي العوجاء) من الامام الصادق (ع) واجاب بنفس هذا الجواب.

فالتفت لي الامام (ع) وقال: نعم! هذا هو سؤال ابن ابي العوجاء واذا كان السؤال واحداً فجوابنا نحن الائمة واحد ايضاً فاخرنا يقول ما قاله أولنا ولافرق بين اولنا واخرنا في العلم والامامة, اما رسول الله (ص) وامير المؤمنين (ع) فلهما الفضل والرفعة علينا(85).

  

73ـ المهدي (عج) في فكر اميرالمؤمنين (ع) 

قال الاصبغ بن نباته:

ذهبت الى امير المؤمنين (ع) فرأيته غارق في فكره وبيده عصا ينكت بها الارض. قلت:

ياامير المؤمنين! اراك مفكراً تنكت في الارض ارغبة فيها؟

قال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً قط ولكني فكرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر هو المهدي يملاها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً تكون لـه حيرة وغيبة يظل فيها اقوام ويهتدي فيها اخرون.

فقلت: يااميرالمؤمنين! وانّ هذا لكائن؟

قال: نعم! كما انه مخلوق واتى لك بالعلم بهذا الامر يا اصبغ اولئك خيار هذه الامة مع ابرار هذه العترة. قلت ومايكون بعد ذلك؟

قال: ثم يفعل الله مايشاء فان له ارادات وغايات ونهايات(86).

 

74ـ بكاء الامام الصادق (ع) على غيبة الامام المهدي (عج)  

روى سدير الصيرفي:

ذهبت مع ثلاثة من الاصحاب الى الامام الصادق (ع) فرأيناه جالساً على التراب وهو يبكي بكاء الوالهه الثكلى ذات الكبد الحرّى قد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغير في عارضه وابلى الدموع على خدّيه وهو يقول:

سيدي! غيبتك نفت رقادي وضيقت عليّ مهادي واسرت مني راحة فؤادي, سيدي! غيبتك اوصلت مصابي بفجائع الابد, وفقد الواحد بعد الواحد ينفي الجمع والعدد فما أحس بدمعة ترقى من عيني, وانين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسواله البلايا الاّ مثل لعيني عن عوايد اعظمها وافضعها وتراقي اشدها وانكرها, ونوايب مخلوطة بغضبك ونوازل مخلوطة بسخطك.

قال سدير:

فاستطارت عقولنا ولهاً وتصعدت قلوبنا جرياً من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل, وظننا أنه سمة لمكروه قارعة اوجلت به من الدهر بائقة.

فقلنا: لا ابكى الله يابن خير الورى عينيك من أي حادثة تستنزف دمعتك وتستمطر عبرتك واية حالة حتمت عليك هذا المأتم.

قال: تنفس الامام (ع) الصعداء واشتد خوفه وقال:

ويلكم اني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون الى يوم القيامة الذي خص الله تقدس اسمه به محمد والائمة من بعده عليه وعليهم السلام وتأملت فيه مولد قائمنا وغيبته وابطائه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد اكثرهم عن دينهم وخلعهم ربقة الاسلام من اعناقهم التي قال الله تقدس ذكره: ]وكل انسان الزمناه طائره في عنقه[ يعني الولاية فاخذتني الرقة واستولت عليّ الاحزان(87).

 

 

75ـ ان تعيشوا فسوف تدركونه

 

عن الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع) انه قال:

اذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في اديانكم لايزيلكم عنها. لابد لصاحب هذا الامر من غيبة حتى يرجع من هذا الامر من كان يقول به انما هي محنة من الله عزّوجل امتحن بها خلقه ولوعلم آبائكم واجدادكم ديناً اصح من هذا لاتبعوه.

فقلت: ياسيدي! من الخامس من ولد السابع؟

قال: يابني! عقولكم تصغرعن هذا واحلامكم تضيق عن حمله ولكن ان تعيشوا فسوف تدركونه(88).

  

76ـ رسالة الامام المهدي(عج) 

توفي نائب الامام (عج) الخاص الرابع في سنة (329) وقبل الغيبة الكبرى كتب لـه الامام (عج) كتاباً هذا نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم: ياعلي بن محمد السمري اعظم الله اجر اخوانك فيك فانك ميّت ما بينك وبين ستة ايام فاجمع امرك ولاتوصي الى احد فيقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة فلاظهور الاّ بعد اذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الامد وقسوة القلوب وامتلاء الارض جوراً وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة الا فمن ادعى المشاهده قبل خروج السفياني(89) والصيحة (90) فهو كذاب مفتر ولاحول ولاقوة الاّبالله العلي العظيم)(91)



(27) بحارالانوار: ج10, ص125.

(44) بحارالانوار: ج44, ص379.

(53) بحارالانوار: ج103, ص84.

(62) بحارالانوار: ج74, ص152.

(71) بحارالانوار: ج48, ص289.

(91) بحارالانوار: ج51, ص361.

عنوان الکتاب